Thursday, June 16, 2016

6:55 AM - No comments

أضاءت





أضاءت.

كانت فروع الشجر الكبيرة تنمو بجنون في تلك الليلة. كل شيء كان يتم بجنون. العالم تحول من حوله و صار الدخان الأزرق في ثواني ينقلب إلى اخضر ثم برتقالي ثم احمر داكن كالدم. الاحتفالات كادت تهدم كل سقف بيت من الصخب و الموسيقى و الرقص. حين تشم الارض رائحة الرقص للاقدام الحافية، يجن جنون فروع الأشجار. و يحدث المثل للعاشقين؛ كان هو أولهم.
يُفضح الواحد تلو الاخر حين يلمس جزع اي شجرة غريبة عن كل الأشجار، و حين ينظر لأول فتاة أمامه، يعشقها. لا يهم من هي، او من اين أتت، او إلى اين تذهب. فهي تُعشق؛ بتلك البساطة. 

انتبه هو لجميع الأشجار حوله، التف بذراعيه حول نفسه حتى لا يلمس اي شجرة. فهو لا يريد ان يعشق غيرها. رآها في الاحتفال الماضي و حين ظهرت أمامه، أضاءت الشجرة الاخيرة بجانبه، معلنة عن نهاية الجنون، و انه اذا احتضنها حتى لن يعشق محبوبته او اي فتاة أخرى. تذكر انها ظهرت مرة واحدة، ذلك التاج على الشعر الطويل المجعد، العينان المائل لونهما إلى اخضرار الزرع مع ازرق السماء و هي صافية. لا يعلم شيئاً عنها، و لم يلمس اي طرف منها تلك الليلة. 

زاد صخب الاحتفال اكثر، زاد الدخان و زادت الناس حول الأشجار، بحث عنها، ركضاً، مشياً، لهثاً و لم يجدها. مشي في كل الأنحاء، حتى المكان الذي رآها فيه مسبقاً. فقد الامل، انتظر في خلاء بلا أشجار، كي لا يعشق اخرى. 
مكان بعيد عن الاحتفال، حتى كاد ان ينتهي اليوم و شاهد شجرة تلو اخرى تضيء. 
مع اخر شجرة مضيئة، فك ذراعيه ثم نظر إلى يداه و تنهد، سمع صوت فتاة من خلفه تقول له 
لم تعشق؟ 
وجدها هي، أمامه، مبتسمة و غير حزينة.
قال لها و دقات قلبه تتسارع بعدما آفاق من صدمته؛ 
أضاءت،
جميع الأشجار؛ أضاءت.

— سَلْمَى أبُوزِيدْ