Sunday, October 18, 2015

7:45 AM - No comments

طوق السعادة

طوق السعادة

كان في ذلك اليوم، حين غربت شمس نهارنا لتشرق على يوم أرضهم. لم نكن في قمة الاختلاف، لكننا كنا غير متشابهين في معظم عاداتنا. نصف يومنا يبدأ حين ينتهي ليلهم و هكذا دواليك، منذ بداية الزمان. أرضهم البيضاء حيث الأحلام تتجدد و أرضنا زرقاء، لا أحلام فيها. كل ما يحدث لنا في نهارنا يُنسى حين نذهب في النوم. الأشياء الجيدة تُغذينا بالسعادة و أما الأشياء السيئة تذهب إلى فضاء الغيوم. ننام و نصحو غير متذكرين إلا اليوم و هكذا كل يوم. 

كنت أقف على حافة الطريق حين لمحته ذاهب إلى أرضه، رآني ناظرة ناحيته فارتبكت. و كنت أضع حول عنقي طوق السعادة. هذا الطوق يوجد في أعماق أرضنا الزرقاء، لا يحمله إلا النساء الصافيات. اقترب مني و بخفوت وجدته يتكلم بصوت عذب رزين:

- طوق السعادة..
- لشدة زرقة روحي ورثته عن جدتي..
- جميل جداً- و ابتسم لي

نادى بإسمه منادي؛ صفوان!، حتى لا يتأخرا في العودة إلى أرضهم، فوجدته لا زال لم يحرك ساكناً حتى قال:

- أيمكن ان أراكي غداً؟
- ربما، قلت هذا و توهج طوقي من السعادة. فُضحت فضحك. و ابتسمت ذاهبة إلى حدود أرضي.

في اليوم التالي، لم أره.

لم أستطع عدم التفكير فيه، فقررت الذهاب للأرض البيضاء و العودة سريعاً حتى لا يلحظني أحد. 

لبست ما يشبه الملاءة الطويلة التي لا لون لها فغطت جسدي إلا يداي و وجهي و رقبتي. انطلقت إلى طريق "السماء" الذي يوصل بين الأرضين. وجدت نفسي وسط ارض ليس بها ناس، و لم أتحرك حتى سمعت أصوات دندنة آتية من بعيد. علمت ان هذا هو ما يسمى بسحر الغرباء و انك إذا لم تفيق سريعاً قد تبقى تائه للأبدية داخل نفسك و هذا ابشع من الموت. 

وضعت يداي على أذنيَّ لأمنع الدندنة لكنها كانت جميلة و ساحرة، لم استطع منعها اكثر من ذلك، وجدت نفسي أتألم من داخلي و طوقي وهيجه يقل و يقل؛ كانت روحي تنفذ. حتى سمعت صوت يقول لي افتحي عيناكِ، افتحي عيناكِ حتى لا تتوهي، فتحت عيناي. وجدتُ نفسي في أرضنا الزرقاء، بين المارة و الناس، و الزوار يُغادرون. وإذا بفتاة جميلة تُنادي من كان واضحاً جداً انه شريكها ليأتي معها للعودة لأرضهم، فقالت:

- صفوان، سنتأخر، هيا بنا!

و رأيته هناك...توهج طوقي ثانية..و كانت هذه أول مرة أحلم فيها..هو كان حلمى الأول...

فعندما تغرب شمس يومنا
ربما أراك غداً بشروقي عليك
 فلا الأمس أملك ولا اليوم أحصل عليك..

— سَلْمَىٰ أبُوزِيٓدْ 

0 comments:

Post a Comment