Tuesday, February 24, 2015

ملاكي الحارس.

ملاكي الحارس

خيال يأخذه إلى مكان نقي حديث الولادة؛ اليوم نرتقي إلى أعالي الجبال العملاقة. ماذا يحدث لمن لم يجد مكان او حصن او حضن يحتويه؟ يذهب لمن ليعثر على شيء يحتميه؟ الجمال ليس في ألوان مرموقة منسقة على أشكال لا تنزعج ثم أرقام العمر تُسترسل بإتقان بالغ. رأيتها هناك! أقسم اني فعلت - صرخ في الطرقات- رأيتها لكنها لم تلاحظني و حاولت ان ألفت نظرها فجريت ورائها لألحقها، لكني لم استطع ان المسها او حتى اقترب منها. كانت بالغة السرعة و الرقة في آن واحد؛ كأنها ملاك لا زال يتعلم التحليق في السماء. كانت من أجمل الملائكة في الوجود، و كنت انا بشري ليس لدي سوى ضعفٍ يضعف بالوقت. و اتذكر في يوم كُنا فيه نجري سوياً، ننعم بنصفينا معاً؛ الملائكي و البشري، قالت لي حينها، كم اريد ان أطير في السماء الزرقاء تلك! فرددت عليها بكيف! نحن لا نطير.. كانت تعلم ذلك. فحزنت. و لم نعد نجري سوياً. 

في مكان كانت تُحيطه أزهار الحُب الصغيرة التي تتميز بألوان الجمال، كُنا نجلس و لا نتكلم، بدت منكسرة فسألتها عن ماذا يزعجها. قالت لي أريد ان أطير.. فسألتها كيف، و نحن نصف بشرين و لنا ما لهم من قدرات غير عفية. فنظرت لي طويلاً و قالت: أتعلم لماذا نحن هُنا؟ أنحن هنا لفقط نجري سوياً؟ فقلت لا، بالتأكيد لا.. نحن هنا لنكون مع بعضنا البعض.. لنُكمل بعض..
فالتفتت لي و قالت: إذا فلتعطينِ نصفك..حتى أطير و سأكون هنا بجانبك للأبدية. فزعت! كانت تريد نصفي الملائكي لتطير! تململت فقالت: و أنا سأهبك نصفي البشري فلا حاجة لي به، فتصبح انت إنسان بشري مكتمل لتكون هنا بجانبي و انا أكون ملاك مكتمل و لا أتركك ابداً. ملاكك الحارس . احببت الفكرة..ملاكي الحارس.

ذهبنا بعدها إلى قصر المودة الذي يذهب إليه كل الذين يريدون اكثر مما يتحملون؛ لنتبادل الأنصاف و نكون كذلك مكتملين مختلفين. دخلنا من باب العظمة لنجدنا في غُرفة التحابب و التعامل بالأشكال؛ و تركنا أرواحنا تطفو.. لنكون في بدن اخر يصُب في قالب الحور الذي يُسمى بالإكليل. انتهينا من التبادل و خرجنا منفصلين غير مدركين إلا عندما تركنا باب العظمة. 
و أصبحت انا بلا قوة غير تلك التي للبشر، تُسمى القوة الجسدية؛ وجدتها ضئيلة جداً، فحزنت. أما هي، فنما لها جناحان ضخمان لهما ألوان مُدرجة حميمة و ارتسم على وجهها ما نبت من اعلى رأسها، شعر بخصلات ذهبية تُرى كأنها شموس مُصغرة. عنان السماء استقبل جناحيها و غاصت فيه كثيراً..

غابت كثيراً و لم اعلم أين ذهبت.. و في أخر الليل وجدتها تعود فجريت نحوها خوفاً عليها من ان تقع! و لكنها كانت تتحكم جيداً بقواها. تقدمت نحوي و همست "أشكرك.." فلم اقل إلا "لماذا أردتي الطيران؟" و لم يخطر ببالي ان اعاتبها على تأخرها. أردت ان اتحرر من الضعف الذي كان يقيدني.. قالت هذا و وجدتها تحتضني و انفرد جناحها الأيمن و تبعه الأيسر حتى كدتُ ان اختفي داخلهما..و لكني لم اخف.. لأنها كانت تُغني لي ما أُحب..

”عاش عاش كان البطل..غريب قريب سعيد بطل
طيور تجيء بكل الغرام و من الهيام..ما سطل“

- سلمى أبوزيد

إلى ملاكي..