Monday, December 1, 2014

4:11 AM - No comments

ما لم يعلمه بعد

يداه يحتضنان بعضهما و يسندان رأسه من الخلف كأنهما يمنعان الأفكار من الهروب. بينما يسترخي جسده في هدوء مُحبب في هذا الوقت من اليوم. 
أسئلة كثيرة تأتي و تذهب لتتركه هائم مع نفسه و تتلاشى نظرته من ذكريات مُشتتة لتتركز على صورته المنعكسة أمامه في المرآة. يعود ليحدق اكثر في الفراغ ليطفو سؤال في ذهنه؛ ماذا كنت افعل إن لم أكن خائفاً؟. لاحقته الفكرة تليها الأخرى ثم ما يبقى في ذهنه من شتات لا معنى له. 

اليوم لا يستطيع البقاء في ذهنه لكل هذا الوقت؛ لابد من الإستيقاظ من الحلم الزائف الذي يعيش خلاله كل يوم على مدار سنتين الآن. الحياة بالنسبة له لا تتعدى التأقلم مع كل ما و من حوله بشكل روتيني لا يتفكك. لم يعد يهتم بماذا يحدث حوله و لم يعد يهمه ان يُغير العالم بعد الآن. لا يريد ان يعود الى زمن لم يكون فيه سعيداً و في نفس الوقت، لا يعلم ماذا ينتظره. حالة من اللامبالاة تستحوذ على عُمره و لا يُلاحظ ما يفوته.
يتسآل ما إذ سيتمكن من إستكمال ما تم إبتدائه. 

أخذ يُراجع قراراته كأن هذا سيخرجه من اللاوعي الذي يغرق فيه، او كأنه سيعلم كيف يعود. ماذا كنت ستفعل إن كنت تعلم انك لن تكون سعيداً جداً الآن؟ الحياة لا تتقدم حقاً، هي نمط واحد غير متغير. الحياة لا تؤذينا؛ كل ما يؤذينا هو ما نحس بخلاف ما نفعل. فإن كان القرار هو عدم التصديق؛ حسناً إذا، لن نصدق. كيف يحدث كل الخطأ فجأة في الوقت الصحيح المرغوب، بينما كل شيء نريده يأتي في أسوأ الأوقات؟ هذا ما لم يفهمه ابداً.

اعتدل في جلسته و رأسه تنزلق بين كفيه ليرغم عقله بالإستسلام لعدم التفكير المجهد. ساعده خفوت النور المائل للظلمة في غرفته على ذلك. لازلت اذكر كيف كانت، و كيف تضحك و تغضب. و لازلت اذكر أيضاً كيف قررت انا الإبتعاد؛ كأن تذكري هذا سيغير اي شيء. ياليت الأشياء تتغير عندما نتذكرها. لكن هذا لا يحدث حقاً. 

لماذا هذا الإحساس باليأس و الفقر إلى شيء اكبر يجعلنا نشعر بأننا نمتلك العالم بيدٍ و نُغيره باليد الأخرى؟!. سكن لبعض الوقت ثم أردف؛ إن كنت لازلت أراها معي لكنت تكلمت و قلت ما كانت تريد سماعه دائماً مني. لكنت استسلمت لقلبي و تركت عقلي يتألم حين تظاهر بعدم الإرتياح لقراري! و لو كنت أملك من الوقت كفايةً لكنت بقيت. 

هي أرادت أشياء، أشياء لا تُطلب. و هو لم يفهمها حتى و إن رآها في عينيها و احسها في صوتها. و كان دائم الانتظار لأي شيء يفصل ما بينهما -أياً كان هو- ليتخلص من إحساس الخوف الثقيل. 

 ماذا تفعل؟ إن كان اليوم هو يوم زفافها، ماذا تفعل انت هنا تُفكر فيما كان؟ أي شيء تنتظره انت او تتوقعه؟ قد ذهبت كل الأشياء التي تمنتها هي عندما اختفيت انت، فكفى. 

لم يعد إسترسال الماضي يفيد بشيء و حتى سلامه الداخلي لم يعد موجوداً كما السابق. فماذا بقي له؟
لم يعني له اي شيء اي قيمة او منطق إلا حين كان يغمض عينيه و يحس بالأنتصار الذاتي. هو أحب النور الذي كان يجده بقوة في أحيان و أحيان أخرى لا يجده؛ لكن لم يفقد الأمل ابداً حينها. فماذا حدث؟

قد طال إستيقاظه الليلة و طال التفكير لساعات، تعب من مجهود لم يوصله إلى أية نتيجة مرجوة فاكتفى بالإنزلاق و الإختفاء بين ثنايا الغطاء، و أغمض عينيه عن كل شيء و عن اي شيء. فالآن لم يعد يهتم بشيء. 

سلمى أبوزيد.

0 comments:

Post a Comment